كتاب مُعدي – لماذا تعلق بعض الأفكار في أذهاننا
لماذا تعلق بعض الأفكار أو المنتجات أو العلامات التجارية في أذهاننا ؟
لماذا تنجح بعض الأحداث أو الأفكار في جذب انتباهنا وتفشل غيرها؟
ما السر في انتشار بعض أنواع المحتوى على نطاق واسع جداً ويفشل غيره؟
كيف تجعل الناس تتحدث عن منتجك؟
هل هناك بعض الأشياء ولدت لتكون مؤهلة لعملية التسويق الشفهي؟
يُجيب هذه الأسئلة الكاتب jonah berger في كتابه Contagious أستاذ التسويق في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، ويذكر الكاتب تجربته في دراسة الأوبئة الاجتماعية وتحليل كل شيء عن العلامات التجارية وفيديوهات اليوتيوب وتقييمات المنتجات وصولاً إلى محادثات الوجه للوجه لمحاولة فهم التأثير الاجتماعي وما الذي يدفع بعض الأشياء إلى أن تكون مشهورة.
دائماً ما يحب الناس مشاركة القصص والتجارب والإنجازات مع الآخرين لتمييز أنفسهم واكتساب بعض الصفات الجيدة في نظر الآخرين ولهذا السلوك تأثير كبير في انتشار أسماء أو صفات العلامات التجارية أو المنتجات أو الخدمات كما يساهم ايضاً في ثبات الصورة الذهنية في عقول الناس
ولذلك التسويق الشفهي أكثر تأثيراً من الأعلانات التقليدية لسببين:
1 – في الغالب تخبرنا الإعلانات عن مدى عظمة المنتجات أو الخدمات وكم هي مليئة بالمميزات لكن لا يوجد دليل على ذلك، حيث ان الامر يختلف اذا رشح لك صديق المنتج أو الخدمة، دائماً يكون لديك ارتياح أكبر أو ثقة أكبر في رأي الأصدقاء الذين سبق لهم استخدام المنتج أو الخدمة
2 – دائماً ما يكون الجمهور مُستهدف بدقة أكبر، ليس من المنطقي أن يقترح شخصً ما علي كل من يعرفهم منتج أو خدمة، دائماً ما يتم الاقتراح بناءً على معرفة مسبقة باحتياج الآخرين للمنتج أو الخدمة ولذلك يعد التسويق الشفهي احد افضل الاساليب التسويقية والأعلي تأثيراً
لتطبيق أسلوب التسويق الشفهي علي فكرة أو علامة تجارية أو منتج يجب فهم لماذا قد يتحدث الناس عن شئاً ما وكيف يمكن دفعهم للتحدث ولماذا يوجد اشياء يتحدثون عنها وأخرى لا.
يوجد بعض الاشخاص مناسبين أكثر لتفعيل أسلوب التسويق الشفهي ويوجد بينهم أشخاص مؤثرين أكثر من غيرهم، ويسود اعتقاد ان هؤلاء المؤثرين إذا تحدثوا عن اي فكرة أو منتج أو علامة تجارية تصبح مشهورة وتنتشر بين الناس، وهذا الاعتقاد قد يكون خاطئ، فبالفعل رغم إن هذه الأشخاص مؤثرين إلا أنه ليس من المنطقي أن ينتشر كل ما يتحدثون عنه، لذلك محتوي الرسالة الذي تريد ان يشاركه الاشخاص المؤثرين مهم جداً، وفي رأي الشخصي اقصد انا محمد القاضي أن الرسالة هي الأهم علي الإطلاق وهي التي قد تدفع المؤثرين لمشاركة محتواك وتدفعه نحو الانتشار أو العدوي ولذلك يجب التخطيط لذلك مسبقاً قبل إطلاق حملتك التي تعتمد على استراتيجية التسويق الشفهي
لكن كيف يمكن أن تجعل الناس تتحدث عن علامتك التجارية أو منتجك أو خدمتك ؟
100 دولار لقطعة فيليه ستيك بالجبنة!
في مارس 2014 انتقل هاورد وين الي فيلادلفيا وقرر أن يبدأ مشروع في مجال المطاعم، كان يهدف الي ان يقدم في مطعمه “باركلي برايم” كتجربة فريدة لزواره عند تذوقهم لقطع اللحم المشوي ستيك التي يختص بها مطعمه، لكي يحقق ذلك اختار المكان المناسب وقام بتجهيزات رائعة في المطعم، واعد قائمة طعام تحتوي على العديد من الأطعمة الشهية.
وين كان يعلم أن كل ما سبق ليس كافي ليجذب له الزبائن، ولأن معظم المطاعم الجديدة لا تستطيع تحمل تكلفة الإعلانات لذا يكون الاعتماد الرئيسي على أن يجعلوا الناس يتحدثون عن مطاعمهم، لكن كيف
100 دولار لقطعة فيليه ستيك بالجبنة!
سعر غريب جداً وملفت للانتباه على أن يكون لقطعة فيليه ستيك بالجبنة، حيث يوجد في مدينة فيلاديلفيا الكثير من المطاعم التي تقدم قطعة الستيك ب4 إلى 5 دولارات فقط، لكن وين اختار هذا السعر وهذا الأسلوب لصنع ضجة حول مطعمه وبالفعل نجحت الفكرة وانتشر اسم المطعم بشكل مُعدي، تسَأل الناس كثيراً عن قطعة الستيك غالية الثمن وعالية الجودة وأصبحت الاقتراح الأول لمعظم رواد المطعم
الضجة التي صنعها وين حول مطعمه ساعدته على النجاح المستمر لمدة 10 سنوات وحصل على العديد من الجوائز واصبح مصنف ضمن أفضل المطاعم في ولاية فيلاديلفيا.
عندما تنتشر فكرة أو حدث أو صفة في علامة تجارية أو منتج أو خدمة بين مجموعة من الأفراد أو التنظيمات، تصبح بعد ذلك كالفايروس كما حدث في حالة الستيك بالجبنة ذات الـ100 دولار والتي اصبحت احد محط اهتمام اغلب العملاء
في رأي الشخصي كثيراً من الناس يهتم باصطناع هالة حوله بصورة معينة عن شخصيته مثل المرح أو الكرم أو حب الخروج أو الرفاهية أو الثقافة ولكلاً منهم نوع المحتوى الذي يهتم بمشاركته وإذا استطعت أن تكون ضمن الأمور التي يصنع بها هذه الهالة التي تشكل شخصيته لن يتوقف هذا الشخص عن مشاركة تجربته بمنتجك أو خدمتك أو علامتك التجارية أو حتى افكارك والمقصود هنا ساعده على أن يفتخر بالتعامل معك
يذكر الكاتب ست مبادئ لجعل المحتوى مُعدياً
- العملة الإجتماعية
- المحفزات
- المشاعر
- العمومية
- القيمة العملية
- القصص
لكن حديثنا اليوم سيكون عن العملة الاجتماعية وتأثيرها على التسويق الشفهي
العملة الإجتماعية
احد الاساليب التي يجب أن تتبعها الشركات إذا كانت تريد ان يتحدث عملائها الحاليين والمحتملين عن منتجاتها أو خدماتها هي أن تجعل عملائها أو الأشخاص يظهرون بمظهر جيد عند التحدث عن منتجات أو خدمات الشركة أو عن تجربة لهم مع الشركة
لكن، كيف يمكن للشركات أن تجعل الأشخاص تظهر بمظهر جيد عندما تتحدث عن علامتهم التجارية أو منتجاتهم أو خدماتهم أو أفكارهم ؟
يوجد ثلاث طرق لتحقيق هذا الهدف وفقاً لما جاء في كتاب مُعدي
- العثور على الجوهر المدهش والإستثنائي
- استخدام أساليب الألعاب
- إشعار العملاء انهم جزء من الفريق
ما هو الجوهر المدهش والاستثنائي وكيف يمكن الوصول له ؟
الجوهر المدهش والاستثنائي هو العنصر أو العامل المثير للدهشة
مفتاح الوصول للجوهر الاستثنائي في الوصول إلى الأمور الملفتة للانتباه والغير عادية والجديرة بالملاحظة، و التأثير والتميُز يمكن أن يتحقق عندما يكون الأمر الذي يُدار الحديث حوله جديد أو مفاجئي أو متطرف.
الأشياء الملفتة للانتباه تدعم العملة الاجتماعية لأنها تجعل الأشخاص يشعرون بأنهم مميزين وأكثر لفتاً للانتباه إذا تحدثوا عنها، الرغبة في التقبل الاجتماعي هي حافز إنساني أساسي، والأشياء التي في جورها استثنائية توضح لماذا قد يتحدث طبيب عن حالة مرضية كثيراً دون غيرها، فغالباً يكون السبب في أن حالة المريض كانت استثنائية أو مثيرة، ايضاً يميل الناس إلى تضخيم ما تتحدث عنه لتجعله ملفتاً للانتباه حتى إذا لم يبالغوا فأحياناً ينسى الشخص تفاصيل ما يحكي عنه فيكمل من خياله ما لا يتذكره.
لذلك مفتاح إيجاد الجوهر الاستثنائي يكون من خلال إيجاد هذا العنصر المفاجئ والمدهش ويتم ذلك عن طريق كسر النمط الذي يتوقعه الناس أن يحدث مثل الألغاز والأسرار التي غالباً ما تكون ملفتة للانتباه بشدة، فنحن عندما لا نستطيع حل لغز نسأل آخرين للبحث عن الإجابة وإذا استطعنا حل اللغز نشارك هذا مع غيرنا كنوع من التباهي
أكثر من 300 مليون مشاهدة وزيادة نسبة المبيعات في الشركة 700%
“توم ديكسون” مهندس ولد في سان فرانسيسكو إبتكر جهاز خلاط قوي جداً وارخص كثيراً من جميع الخلاطات الكهربائية المنتشرة في السوق، بدأ في عملية إنتاج الخلاط على مستوى ضيق ومن ثم توسع في إنتاجه على نطاق أوسع حتى افتتح شركته في العام 1995 م
بالرغم من الجودة العالية للمنتج إلا أنه لم يكن معروفاً بين الناس، تغير هذا الوضع عندما عين توم في عام 2006 “جورج رايت” مدير تسويق في شركته، في يوم من الأيام رأى جورج، توم ديكسون مرتدي بالطو أبيض يشبه ما يرتديه الأطباء ويقوم بما يقوم به عادةً وهو محاولة كسر الخلاط لتجربة مدى قوة ومتانة خلاطات بلينوتيك عن طريق وضع اشياء قوية لطحنها كقطع الرخام فتتحول إلى تراب، من هنا جاءت الي جورج فكرة ان يستغل ما يقوم به توم للترويج لمنتجاتهم، قدم سلسلة من الفيديوهات على موقع اليوتيوب تحت عنوان هل ستُخلط بميزانية محدودة جداً، حققت أكثر من 300 مليون مشاهدة وزيادة نسبة المبيعات في الشركة 700%
أساليب وتقنيات الألعاب
تقنيات الألعاب جزء من صناعة العملة الإجتماعية، فغالباً ما يقرر الأشخاص عند تحقيق نجاح أو إنجاز مشاركته مع الآخرين لتمييز أنفسهم أو لتوصيل رسالة للآخرين أنظر كم نحن مَرحين أو لطفاء أو سعيدين ولتحسين صورتهم الاجتماعية وطبعاً هذا يعزز من انتشار اسم العلامة التجارية أو المنتج أو الخدمة عن طريق التسويق الشفهي
مثال: مواقع فقدان الوزن التي تُحفز المستخدمين على مشاركة صورهم قبل وبعد فقدان الوزن
مثال أخر: المواقع التي تقدم اختبار ذكاء والمواقع التي تقدم تحليل للشخصية والتي تخبرك عن أقرب شخصية شبيه لك في المشاهير لكن تجبرك وتدفعك أو تشجعك علي مشاركة تجربتك مع الآخرين … الخ دائماً ما ينتشر سريعاً هذا المحتوي على السوشيال ميديا ويروج لواقع أو علامات تجارية
إشعار الناس أنهم جزء من فريقك
الندرة والحصرية تساعد المنتجات في جعلها تبدو أكثر جاذبية، كلما كان من الصعب الحصول على شيء سيفترض الناس بأنه يستحق بذل مجهود للحصول عليه، كلما كان شئ غير متاح أو مُباع، فعادةً ما يستنتج الناس أن الكثير من الناس يقبلون على شراء المنتج، هذه الندرة تجعلنا نشعر بأن نتحرك لكي لا نفوت الفرصة والتي ربما لم نكن نرغب في الحصول عليها في المقام الأول
الندرة الحصرية تعزز التسويق الشفهي، عندما يحصل الأشخاص على أداة تقنية جديدة انتظروها بالساعات، فإن أحد الأشياء التي سيفعلونها هو عرضها على الآخرين والتباهي بالحصول عليها لأنها عمله اجتماعية
نلتقي في المقالة القادمة مع مبدأ أو أكثر من مبادئ جعل المحتوى معدي
هل تستطيع أن تخبرني برأيك فيما قرأت ؟ وما الذي تود قراءته على هذا الموقع ؟